سلمان الفارسي رضي الله عنه
سلمان الفارسي . . . الصحابي الجليل الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم (سلمان منا أهل البيت)) هو سلمان الخير الذي ضحى بماله ووقع في الأسر وأصبح عبداً مملوكاً وظل يبحث عن الدين الحق حتى هداه الله إلى الإسلام .
مولده في بلاد فارس
ولد سلمان رضي الله عنه في أصبهان من بلاد الفرس في قرية تسمى"جي" وكان أبوه دهقان "الرئيس الديني" لتلك القرية فحبسه حتى يتعلم رعاية النار المقدسة التي كان الفرس يعبدونها .
قصة إسلامه
عقل يفكر في إله الكون
سبحان الله كان سلمان مجوسياً يعبد النار؟ ولكن سلمان لم يكن مقتنعاً بدين أبيه كان يؤمن بأن للكون إلهاً عظيماً ينبغي أن تكون الصلاة والعبادة له وحده . وذات صباح كلفه أبوه بالذهاب إلى ضيعة لهم اشتراها بعيدة بعض الشيء عن دارهم وتفقد أحوال العمل فيها وإحضار بعض الفاكهة منها وأثناء سيره مر على إحدى الكنائس ورأى النصارى يصلون وسمع أصواتهم يدعون الله فدخل الكنيسة لينظر الأمر فأعجبته صلاتهم وقال لنفسه(إن هذا الدين خير من الدين الذي نحن عليه)) وظل مع النصارى يومه كله يسألهم عن دينهم وكيفية الدخول في هذا الدين فأخبروه أن يذهب إلى الشام لمقابلة القساوسة وتلقي الدين على أيديهم . . . وبعد غروب الشمس خرج سلمان من الكنيسة متوجهاً إلى داره دون أن يذهب إلى الضيعة وأخبر أباه بما كان من أمر النصارى وأنه يريد أن يدخل في هذا الدين الذي هو خير من عبادة النار التي لا تملك أمر نفسها فحبسه أبوه وقيده .
فراره إلى الشام
واستطاع سلمان أن يفك قيده ويهرب مع إحدى القوافل المتوجهة إلى الشام بعد ما أنهت عملها ووصل سلمان إلى الشام وسأل من أفضل أهل هذا الدين؟ فقيل له(هذا الأسقف الذي في الكنيسة)) فأسرع إليه وطلب منه أن يعلمه أمور هذا الدين وعاش سلمان في الكنيسة مع الأسقف .
سلمان يدخل النصرانية
وفي كل زمان ومكان يوجد من يتاجر بالدين يتخذه ستاراً لأغراضه الدنيوية. كان رجل الدين الذي التقى به سلمان يأخذ الصدقات لنفسه ولا يعطيها للفقراء. ولما رأى سلمان منه ذلك أبغضه بغضاً شديداً وقال لنفسه(إن ما يفعله هذا الأسقف ليس من الدين الذي يأمر الناس بالمعروف وإعطاء الفقراء الصدقات والعطف على المساكين)) ولكنه ظل في الكنيسة معه فترة حتى مات الأسقف فلما اجتمع النصارى ليدفنوه أخبرهم بما كان يفعله هذا الأسقف وأراهم موضع الأموال والذهب والفضة التي كانت تأتيه صدقات فيكنزها لنفسه, واجتمع النصارى فاختاروا لهم أسقفاً جديداً فكان رجلاً ورعاً طيباً يخاف الله ويعطي كل ذي حق حقه . . . وظل مع ذلك الأسقف المتدين حتى جاءه أجله فقال له سلمان(بماذا توصيني أن أعمل بعدك؟)) فأوصاه أن يذهب إلى رجل دين بالموصل ورع وطيب ليعيش معه فذهب إليه سلمان والتقى به فوجده طيباً ورعاً فأقام معه, وحين حضرته الوفاة طلب إليه سلمان أن يوصيه ويخبره أين يذهب؟ فقال له(اذهب إلى نصيبين فهناك تجد رجل دين ورعاً))وذهب سلمان إلى نصيبين والتقى بهذا القس وعاش معه متديناً حتى حضرت ذلك الرجل الوفاة فقال له(أيها القس بماذا تأمرني وتوصيني أن أعمل الآن؟)) فقال له القس(اذهب إلى عامورية ستجد قساً ورعاً)) وذهب إلى عامورية وعاش مع القس الصالح وحين حضرته الوفاة سأله سلمان ماذا يفعل بعده؟ فقال له(إني يا بني لا أعرف أحداً على مثل ما نحن عليه ولكن أعلم وأجد في الكتب عندنا أنه بأرض العرب سوف يخرج نبي من بني إسماعيل مبعوث على دين إبراهيم عليهما الصلاة والسلام وهذا النبي سوف يخرجه قومه من أرضه مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بهذه البلاد فافعل)), ومات الرجل ودفن وخرج سلمان يبحث عن النبي المنتظر(رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وبينما هو في الطريق إذ خرج عليه نفر كانوا في تجارة لهم فطلب إليهم أن يحملوه معهم إلى بلاد العرب ويعطيهم ما معه من بقرات وغنيماته ولكنهم حين وصلوا إلى وادي القرى باعوه إلى رجل من اليهود فأصبح سلمان عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي .
سلمان يدخل المدينة عبداً مملوكاً
لقد تألم سلمان لكونه أصبح عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي ولكنه حين نظر حوله ووجد النخيل تفاءل واستبشر خيراً بأن تكون هذه البلدة هي التي سيهاجر إليها النبي المنتظر, ثم باع التاجر اليهودي سلمان إلى قريب له يعيش في يثرب وهكذا دخل سلمان المدينة المنورة عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي الجديد وهو من بني قريظة ويعيش في المدينة, ولم يخفف عن سلمان وقع الرق والعبودية إلا وجوده في هذه المدينة التي كان يعلم أنها مدينة النبي المنتظر كما وصفها له الأسقف النصراني .
هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم
وبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بدين الحق في مكة أم القرى واضطهدته قريش وأخرجته مهاجراً إلى المدينة فسمع به سليمان, وذات صباح وبينما كان سلمان يعمل في حديقة اليهودي حين حضر إليه قريب له فأخذ يقص عليه قصة الرجل الذي تجتمع إليه الناس في قباء ويزعمون أنه نبي, فما أن سمع سلمان ذلك حتى انتفض بدنه بشدة حتى ظن أنه سوف يقع على سيده . . . ونزل من على النخلة وأخذ يستفسر عن ذلك النبي المنتظر فغضب منه سيده فلكمه لكمة شديدة. ولكن سلمان أخذ بعض العنب وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لقاء سلمان بالنبي صلى الله عليه وسلم
حدَّثَ سلمان نفسه لا بد وأنه الرسول المنتظر ومن علاماته التي يعرفها سلمان جيداً أنه لا يأكل الصدقة فلينظر ماذا سيفعل. وقال سلمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم (لقد بلغني أنك رجل صالح وأنك ومن معك غرباء هنا ومعي طعام كنت قد خرجت به للصدقة ورأيت أن أعطيه لكم لأنكم عابري سبيل)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه(كلوا منه)) وأمسك يده فلم يتناول منه شيئاً, فقال سلمان لنفسه(هذه أولى العلامات التي حدثني عنها القس الطيب)) ثم دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة "التي كانت تسمى يثرب" فأسرع إليه سلمان بهدية وقدمها إليه وهو يقول له(إنها هدية لك لأني رأيتك لا تأكل من الصدقات)) فأكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم و أكل أصحابه معه, فقال سلمان لنفسه(هذه العلامة الثانية والله)). وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي على جنازة فتحول سلمان إلى ظهره ليرى خاتم النبوة فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه عن ظهره فنظر سلمان فرأى الخاتم, فأخذ يقَــبِّل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبكي فأمسك به رسول الله صلى الله عليه وسلم, وسأله عن قصته فقص عليه سلمان حكايته كاملة .
سلمان يكاتب على عتقه
ولكن سلمان ظل عبداً عند اليهودي ففاتته غزوة بدر وغزوة أُحد, حين اشتد على سلمان الرق جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم معتذراً عن عدم قدرته في المشاركة في الغزوات وألمه لتخلفه عنه لأنه عبد مملوك لا يملك أمره. هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كاتب اليهودي على ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية من الفضة)) والتفت إلى أصحابه وقال لهم(أعينوا أخاكم جزاكم الله خيراً)) فجمعوا له ثلاثمائة ودية"هي الفسيلة الصغيرة التي تكبر فتصير نخلة بعد أن تنزع من أمها" ثم أمره صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى اليهودي فيحفر لها بأرضه وسوف يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويضعها بيديه الشريفـتين وبقي المال فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البيضة ذهباً فأدى بها ما عليه من مال . . . وهكذا تحرر سلمان من العبودية .
غزوة الخندق
كان سلمان الفارسي هو صاحب فكرة الخندق في تلك الغزوة الشهيرة باسم الخندق والأحزاب, خرجت اليهود تحرض قريش على غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتعدهم بالوقوف معهم ضد المسلمين ثم ذهبوا إلى إلى غطفان فدعوهم وفعلوا ذلك مع باقي قبائل العرب فاستجاب منهم بعضهم فخرجت قريش في أربعة آلاف مقاتل وتبعهم بنو سليم وبنو أسد وفزارة وأشجع وبنو مرة وغطفان وكان مجموعهم عشرة آلاف .
فكرة حفر الخندق
وجمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يشاورهم في غدر يهود بني قريظة بهم فأشار عليهم سلمان الفارسي بحفر الخندق, فقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق وشاركهم رسول الله r في العمل بيديه الشريفـتين .
مكانة سلمان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
أثناء حفر الخندق كان سلمان يعمل مع المهاجرين والأنصار في حفره فقالت الأنصار(إن سلمان منا نحن الأنصار)) وقال المهاجرين(بل سلمان منا نحن المهاجرين)) فقال صلى الله عليه وسلم(سلمان منا أهل البيت)) .
تواضعه وزهده
ذات يوم كان رجل يشتري علفاً ورأى سلمان رضي الله عنه يسير أمامه وكانت ملابسه غاية في التواضع فظنه عاملاً فقيراً فناداه ليحمل عنه العلف وحمله فعلاً, رأى الناس سلمان يحمل العلف يسير بجواره فأسرعوا إليه يريدون أن يحملوا عنه حمله وهو يرفض, فسألهم الرجل(أتعرفونه؟)) فقالوا(إنه سلمان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم)) فقال له الرجل(سألتك بالله أن تسامحني لم أكن أعرفك أرجوك اترك ما تحمل)) ولكنه صلى الله عليه وسلم أبى أن يترك ما يحمل للرجل حتى وصلا إلى دار الرجل وتركه ومضى. وإلى جانب تواضعه كان رفيقاً بالناس حتى إنه كان لا يكلف خادمه بعملين حتى لا يشق عليه .
كلماته المضيئة
والآن نأتي إلى بعض كلماته المضيئة فهي نصائح غالية لمن تمسك بها وعمل عليها. يقول رضي الله عنه(ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني, مؤمل دنيا والموت يطلبه وغافل ليس بمغفول عنه وضاحك ملء فيه"فمه" وهو لا يدري أساخط عليه رب العالمين أم هو جل شأنه راضٍ عنه. وثلاث أحزنتني حتى أبكتني, فراق محمد صلى الله عليه وسلم و حزبه وهول المطلع والوقوف بين يدي ربي عز وجل ولا أدري إلى الجنة أم إلى النار أصير)) .
***رضي الله عن سلمان الفارسي وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***
سلمان الفارسي . . . الصحابي الجليل الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم (سلمان منا أهل البيت)) هو سلمان الخير الذي ضحى بماله ووقع في الأسر وأصبح عبداً مملوكاً وظل يبحث عن الدين الحق حتى هداه الله إلى الإسلام .
مولده في بلاد فارس
ولد سلمان رضي الله عنه في أصبهان من بلاد الفرس في قرية تسمى"جي" وكان أبوه دهقان "الرئيس الديني" لتلك القرية فحبسه حتى يتعلم رعاية النار المقدسة التي كان الفرس يعبدونها .
قصة إسلامه
عقل يفكر في إله الكون
سبحان الله كان سلمان مجوسياً يعبد النار؟ ولكن سلمان لم يكن مقتنعاً بدين أبيه كان يؤمن بأن للكون إلهاً عظيماً ينبغي أن تكون الصلاة والعبادة له وحده . وذات صباح كلفه أبوه بالذهاب إلى ضيعة لهم اشتراها بعيدة بعض الشيء عن دارهم وتفقد أحوال العمل فيها وإحضار بعض الفاكهة منها وأثناء سيره مر على إحدى الكنائس ورأى النصارى يصلون وسمع أصواتهم يدعون الله فدخل الكنيسة لينظر الأمر فأعجبته صلاتهم وقال لنفسه(إن هذا الدين خير من الدين الذي نحن عليه)) وظل مع النصارى يومه كله يسألهم عن دينهم وكيفية الدخول في هذا الدين فأخبروه أن يذهب إلى الشام لمقابلة القساوسة وتلقي الدين على أيديهم . . . وبعد غروب الشمس خرج سلمان من الكنيسة متوجهاً إلى داره دون أن يذهب إلى الضيعة وأخبر أباه بما كان من أمر النصارى وأنه يريد أن يدخل في هذا الدين الذي هو خير من عبادة النار التي لا تملك أمر نفسها فحبسه أبوه وقيده .
فراره إلى الشام
واستطاع سلمان أن يفك قيده ويهرب مع إحدى القوافل المتوجهة إلى الشام بعد ما أنهت عملها ووصل سلمان إلى الشام وسأل من أفضل أهل هذا الدين؟ فقيل له(هذا الأسقف الذي في الكنيسة)) فأسرع إليه وطلب منه أن يعلمه أمور هذا الدين وعاش سلمان في الكنيسة مع الأسقف .
سلمان يدخل النصرانية
وفي كل زمان ومكان يوجد من يتاجر بالدين يتخذه ستاراً لأغراضه الدنيوية. كان رجل الدين الذي التقى به سلمان يأخذ الصدقات لنفسه ولا يعطيها للفقراء. ولما رأى سلمان منه ذلك أبغضه بغضاً شديداً وقال لنفسه(إن ما يفعله هذا الأسقف ليس من الدين الذي يأمر الناس بالمعروف وإعطاء الفقراء الصدقات والعطف على المساكين)) ولكنه ظل في الكنيسة معه فترة حتى مات الأسقف فلما اجتمع النصارى ليدفنوه أخبرهم بما كان يفعله هذا الأسقف وأراهم موضع الأموال والذهب والفضة التي كانت تأتيه صدقات فيكنزها لنفسه, واجتمع النصارى فاختاروا لهم أسقفاً جديداً فكان رجلاً ورعاً طيباً يخاف الله ويعطي كل ذي حق حقه . . . وظل مع ذلك الأسقف المتدين حتى جاءه أجله فقال له سلمان(بماذا توصيني أن أعمل بعدك؟)) فأوصاه أن يذهب إلى رجل دين بالموصل ورع وطيب ليعيش معه فذهب إليه سلمان والتقى به فوجده طيباً ورعاً فأقام معه, وحين حضرته الوفاة طلب إليه سلمان أن يوصيه ويخبره أين يذهب؟ فقال له(اذهب إلى نصيبين فهناك تجد رجل دين ورعاً))وذهب سلمان إلى نصيبين والتقى بهذا القس وعاش معه متديناً حتى حضرت ذلك الرجل الوفاة فقال له(أيها القس بماذا تأمرني وتوصيني أن أعمل الآن؟)) فقال له القس(اذهب إلى عامورية ستجد قساً ورعاً)) وذهب إلى عامورية وعاش مع القس الصالح وحين حضرته الوفاة سأله سلمان ماذا يفعل بعده؟ فقال له(إني يا بني لا أعرف أحداً على مثل ما نحن عليه ولكن أعلم وأجد في الكتب عندنا أنه بأرض العرب سوف يخرج نبي من بني إسماعيل مبعوث على دين إبراهيم عليهما الصلاة والسلام وهذا النبي سوف يخرجه قومه من أرضه مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بهذه البلاد فافعل)), ومات الرجل ودفن وخرج سلمان يبحث عن النبي المنتظر(رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وبينما هو في الطريق إذ خرج عليه نفر كانوا في تجارة لهم فطلب إليهم أن يحملوه معهم إلى بلاد العرب ويعطيهم ما معه من بقرات وغنيماته ولكنهم حين وصلوا إلى وادي القرى باعوه إلى رجل من اليهود فأصبح سلمان عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي .
سلمان يدخل المدينة عبداً مملوكاً
لقد تألم سلمان لكونه أصبح عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي ولكنه حين نظر حوله ووجد النخيل تفاءل واستبشر خيراً بأن تكون هذه البلدة هي التي سيهاجر إليها النبي المنتظر, ثم باع التاجر اليهودي سلمان إلى قريب له يعيش في يثرب وهكذا دخل سلمان المدينة المنورة عبداً مملوكاً لهذا التاجر اليهودي الجديد وهو من بني قريظة ويعيش في المدينة, ولم يخفف عن سلمان وقع الرق والعبودية إلا وجوده في هذه المدينة التي كان يعلم أنها مدينة النبي المنتظر كما وصفها له الأسقف النصراني .
هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم
وبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بدين الحق في مكة أم القرى واضطهدته قريش وأخرجته مهاجراً إلى المدينة فسمع به سليمان, وذات صباح وبينما كان سلمان يعمل في حديقة اليهودي حين حضر إليه قريب له فأخذ يقص عليه قصة الرجل الذي تجتمع إليه الناس في قباء ويزعمون أنه نبي, فما أن سمع سلمان ذلك حتى انتفض بدنه بشدة حتى ظن أنه سوف يقع على سيده . . . ونزل من على النخلة وأخذ يستفسر عن ذلك النبي المنتظر فغضب منه سيده فلكمه لكمة شديدة. ولكن سلمان أخذ بعض العنب وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لقاء سلمان بالنبي صلى الله عليه وسلم
حدَّثَ سلمان نفسه لا بد وأنه الرسول المنتظر ومن علاماته التي يعرفها سلمان جيداً أنه لا يأكل الصدقة فلينظر ماذا سيفعل. وقال سلمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم (لقد بلغني أنك رجل صالح وأنك ومن معك غرباء هنا ومعي طعام كنت قد خرجت به للصدقة ورأيت أن أعطيه لكم لأنكم عابري سبيل)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه(كلوا منه)) وأمسك يده فلم يتناول منه شيئاً, فقال سلمان لنفسه(هذه أولى العلامات التي حدثني عنها القس الطيب)) ثم دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة "التي كانت تسمى يثرب" فأسرع إليه سلمان بهدية وقدمها إليه وهو يقول له(إنها هدية لك لأني رأيتك لا تأكل من الصدقات)) فأكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم و أكل أصحابه معه, فقال سلمان لنفسه(هذه العلامة الثانية والله)). وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي على جنازة فتحول سلمان إلى ظهره ليرى خاتم النبوة فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه عن ظهره فنظر سلمان فرأى الخاتم, فأخذ يقَــبِّل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبكي فأمسك به رسول الله صلى الله عليه وسلم, وسأله عن قصته فقص عليه سلمان حكايته كاملة .
سلمان يكاتب على عتقه
ولكن سلمان ظل عبداً عند اليهودي ففاتته غزوة بدر وغزوة أُحد, حين اشتد على سلمان الرق جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم معتذراً عن عدم قدرته في المشاركة في الغزوات وألمه لتخلفه عنه لأنه عبد مملوك لا يملك أمره. هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كاتب اليهودي على ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية من الفضة)) والتفت إلى أصحابه وقال لهم(أعينوا أخاكم جزاكم الله خيراً)) فجمعوا له ثلاثمائة ودية"هي الفسيلة الصغيرة التي تكبر فتصير نخلة بعد أن تنزع من أمها" ثم أمره صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى اليهودي فيحفر لها بأرضه وسوف يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويضعها بيديه الشريفـتين وبقي المال فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البيضة ذهباً فأدى بها ما عليه من مال . . . وهكذا تحرر سلمان من العبودية .
غزوة الخندق
كان سلمان الفارسي هو صاحب فكرة الخندق في تلك الغزوة الشهيرة باسم الخندق والأحزاب, خرجت اليهود تحرض قريش على غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتعدهم بالوقوف معهم ضد المسلمين ثم ذهبوا إلى إلى غطفان فدعوهم وفعلوا ذلك مع باقي قبائل العرب فاستجاب منهم بعضهم فخرجت قريش في أربعة آلاف مقاتل وتبعهم بنو سليم وبنو أسد وفزارة وأشجع وبنو مرة وغطفان وكان مجموعهم عشرة آلاف .
فكرة حفر الخندق
وجمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يشاورهم في غدر يهود بني قريظة بهم فأشار عليهم سلمان الفارسي بحفر الخندق, فقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق وشاركهم رسول الله r في العمل بيديه الشريفـتين .
مكانة سلمان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
أثناء حفر الخندق كان سلمان يعمل مع المهاجرين والأنصار في حفره فقالت الأنصار(إن سلمان منا نحن الأنصار)) وقال المهاجرين(بل سلمان منا نحن المهاجرين)) فقال صلى الله عليه وسلم(سلمان منا أهل البيت)) .
تواضعه وزهده
ذات يوم كان رجل يشتري علفاً ورأى سلمان رضي الله عنه يسير أمامه وكانت ملابسه غاية في التواضع فظنه عاملاً فقيراً فناداه ليحمل عنه العلف وحمله فعلاً, رأى الناس سلمان يحمل العلف يسير بجواره فأسرعوا إليه يريدون أن يحملوا عنه حمله وهو يرفض, فسألهم الرجل(أتعرفونه؟)) فقالوا(إنه سلمان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم)) فقال له الرجل(سألتك بالله أن تسامحني لم أكن أعرفك أرجوك اترك ما تحمل)) ولكنه صلى الله عليه وسلم أبى أن يترك ما يحمل للرجل حتى وصلا إلى دار الرجل وتركه ومضى. وإلى جانب تواضعه كان رفيقاً بالناس حتى إنه كان لا يكلف خادمه بعملين حتى لا يشق عليه .
كلماته المضيئة
والآن نأتي إلى بعض كلماته المضيئة فهي نصائح غالية لمن تمسك بها وعمل عليها. يقول رضي الله عنه(ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني, مؤمل دنيا والموت يطلبه وغافل ليس بمغفول عنه وضاحك ملء فيه"فمه" وهو لا يدري أساخط عليه رب العالمين أم هو جل شأنه راضٍ عنه. وثلاث أحزنتني حتى أبكتني, فراق محمد صلى الله عليه وسلم و حزبه وهول المطلع والوقوف بين يدي ربي عز وجل ولا أدري إلى الجنة أم إلى النار أصير)) .
***رضي الله عن سلمان الفارسي وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***