لعل من الأهمية بمكان أن الإمام الزمخشري ( 467 - 538 ه / 1075 - 1144 م ) إنما قد أجمل مناقب الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه ، وكرم الله وجهه في الجنة - ( فيما صنفه عن مناقب العشرة المبشرين بالجنة ) في ثماني عشرة منقبة ، نوجزها فيما يأتي :
المنقبة الأولى : أنه أول من أسلم من الصبيان ، وأول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن زيد بن أرقم ، رضي الله عنه ، قال : أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، علي ( 3 ) .
المنقبة الثانية : أنه المتخلف على الودائع من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في وقت الهجرة ، وبقي بمكة ثلاث ليال بأيامها ، حتى رد ما كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من ودائع لأصحابها .
ج 2 - ص 369
ثم خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في وقت الخروج إلى غزوة تبوك على العيال والنساء بالمدينة حتى بكى رضي الله عنه ، قول : يا رسول الله إن قريشا تقول : إن رسول الله استثقله فتركه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ( 1 ) .
المنقبة الثالثة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما آخى بين المهاجرين والأنصار ، جعل عليا أخا نفسه الكريمة ، وقال له : أنت أخي وصاحبي في الدنيا ، والآخرة ( 2 ) .
المنقبة الرابعة : أنه الممدوح بالسيادة ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال لفاطمة رضي الله
ج 2 - ص 370
عنها ، ( زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة ( 1 ) ، ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : علي سيد العرب ( 2 ) .
المنقبة الخامسة : أنه ولي الله ، وولي المؤمنين ، قال الله تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله * والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) ( 3 ) . وقد نزلت هذه الآية الكريمة في حق علي ، حين كان يصلي في المسجد ، وهو راكع ، قام سائل يسأل ، فمد علي يده إلى خلفه ، وأومأ إلى السائل بخاتمه ، فأخذه من إصبعه ( 4 ) .
هذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كنت مولاه ، فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ) . وقد جاء هذا الحديث بطرق مختلفة ، وفي بعضها زيادة ( وانصر من نصره ، واخذل من خذله ) ( 5 ) .
ج 2 - ص 371
المنقبة السادسة : أنه أقضى الصحابة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : أقضاكم علي ، وقول عمر - فيما يروي البخاري - أقرؤنا أبي ، وأقضانا علي .
وعن ابن مسعود . رضي الله عنه - قال : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي . وهو أعلم الصحابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب ( 1 ) .
المنقبة السابعة : أنه محبوب المؤمنين ، ومبغوض المنافقين ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق ( 2 ) .
ج 2 - ص 372
المنقبة الثامنة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختصه بمناجاته يوم الطائف ، عن جابر - رضي الله عنه - قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عليا ، يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( ما أنا انتجيته ، ولكن الله انتجاه ) . وقال ومعنى قوله : ولكن الله انتجاه ، أي أن أمرني أن أنتجي معه ( 1 ) .
المنقبة التاسعة : أنه ذو الأذن الواعية ، روي أنه لما نزل قول الله تعالى : ( وتعيها أذن واعية ) ( 2 ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي ، قال علي : فما نسيت شيئا بعد ذلك ، وما كان لي أن أنسى ) ( 3 ) .
وشرح الزمخشري عبارة ( أذن واعية ) في تفسيره المعروف باسم ( الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ) فقال : أذن واعية من شأنها أن تعي وتحفظ ما سمعت به ، ولا تضيعه بترك العمل ، وكل ما حفظته من نفسك فقد وعيته ، ومن غير نفسك فقد وعيته ( 4 ) .
ج 2 - ص 373
المنقبة العاشرة : أنه جمع ثلاثة مفاخر لم تجمع لأحد سواه ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يا علي : أعطيت ثلاثا لم يعطهن أحد غيرك : صهرا مثلي ، وزوجة مثل فاطمة ، وولدين مثل الحسن والحسين .
المنقبة الحادية عشرة : أنه صعد على منكبي النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد روى الإمام علي - رضي الله عنه ، وكرم الله وجهه في الجنة - في قصة قمع الأصنام ، قال : انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى الكعبة ، فقال لي : إجلس ،
فجلست فصعد على منكبي ، فقال لي : إنهض ، فنهضت فعرف ضعفي تحته ، فقال لي : إجلس ، فجلست ، ثم نهض بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخيل إلي - أنني لو شئت نلت فوق السماء ، فصعدت إلى الكعبة ، وتنحى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وقال : إلق صنمهم الأكبر - صنم قريش - وكان من نحاس موتد بوتاد من حديد في الأرض ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عالجه ، فجعلت أعالجه ، حتى استمكنت منه ، فقال : إقذفه ، فقذفته حتى انكسر ، ونزلت من فوق الكعبة ، وانطلقت ، أنا والنبي صلى الله عليه وسلم ، نسعى ، وخشينا أن يرانا أحد من قريش وغيرهم ( 1 ) .
المنقبة الثانية عشرة : أنه حاز سهم جبريل - عليه السلام - من غنائم تبوك ، روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما غزا تبوك استخلف عليا على المدينة ، فلما نصر رسوله ، وغنم المسلمون أموال المشركين ورقابهم ، جلس رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، وجعل يقسم السهام على المسلمين سهما سهما ، ودفع إلى علي بن أبي طالب سهمين ، فقام أحد الصحابة يسأل : يا رسول الله ، أوحي نزل من السماء ، أم أمر من نفسك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنشدكم الله ، هل رأيتم في رأس ميمنتكم صاحب الفرس
ج 2 - ص 374
الأغر المحجل ، والعمامة الخضراء ، لها ذؤابتان مرخاتان على كتفيه ، بيده حربة ، قد حمل على الميمنة ، فأزالها ، وحمل على الميسرة فأزالها ، وحمل على القلب فأزاله ؟ قالوا : نعم ، لقد رأينا ذلك ، قال : هو جبريل ، وقد أمرني أن أدفع بسهمه لعلي ( 1 ) .
المنقبة الثالثة عشرة : أن النظر إلى وجهه عبادة . لما روي عن السيدة عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت : رأيت أبي يديم النظر إلى وجه علي ، رضي الله عنهما ، فسألته عن ذلك فقال : ما يمنعني من ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
النظر إلى وجه علي عبادة . وأخرج الطبراني والحاكم عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : النظر إلى وجه علي عبادة - قال : إسناده حسن ( 2 ) .
المنقبة الرابعة عشرة : أنه أحب خلق الله إلى الله - بعد مولانا وسيدنا وجدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم - لما روي عن أنس بن مالك الأنصاري ، رضي الله عنه ، أنه قال : أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرخان مشويان ، فقال:
( اللهم سق أحب خلقك إليك ، ليأكل معي ) - قال أنس : وكنت على الباب ، فجاء رجل فرددته ، رجاء أن يجئ رجل من الأنصار ، ثم جاء علي رضي الله عنه ، فأذنت له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتأكل يا علي ، فأنت أحب خلق الله إليه ، فقد دعوت الله تعالى ، أن يسوق أحب خلقه إليه .
ج 2 - ص 375
وفي رواية الترمذي عن أنس بن مالك قال : كان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، طير ، فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه . وفي أسد الغابة عن أنس بن مالك قال : كان عند النبي صلى الله عليه وسلم ،
طير ، فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك ، وإلى رسولك - ورفع صوته - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا ؟ فقال : علي ، فقال : فافتح له ، ففتحت ، فأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من الطيرين ، حتى فنيا ( 1 ) .
المنقبة الخامسة عشرة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سماه : يعسوب المؤمنين ( 2 ) - فقد روي عن أبي ذر وسلمان أنهما قالا : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ، بيد علي ، فقال : إن هذا أول من آمن بي ، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين .
وروى ابن حجر في الإصابة بسنده عن أبي ليلى الغفاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ستكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك ، فالزموا علي بن أبي طالب ، فإنه أول من يراني ، وأول من يصافحني ، وهو الصديق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين .
ج 2 - ص 376
وقال صلى الله عليه وسلم لعلي : أنت أمير المؤمنين ، ويعسوب الدين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، وفاروق الأمة ، ومنار الهدى ، وإمام الأولياء ( 1 ) .
المنقبة السادسة عشرة : اختصه النبي صلى الله عليه وسلم ، بالتبليغ عنه - روى جابر الأنصاري ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، بعث أبا بكر - رضي الله عنه ، فأقبلنا معه ، حتى إذا كنا ( بالعرج ) ثوب بالصبح ، ثم استوى ليكبر،
فسمع الرغوة ، خلف ظهره ، فتوقف عن التكبير ، فقال : هذه رغوة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج ، فلعله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنصلي معه ، فإذا علي عليها ، فقال
أبو بكر : أمير أم رسول ؟ فقال علي : لا ، بل رسول، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ببراءة ، اقرؤها على الناس في مواقف الحج ، فقدمنا مكة ، فلما كان قبل التروية بيوم ، قام أبو بكر فخطب في الناس ، فحدثهم عن مناسكهم ، حتى إذا
فرغ ، قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها ، ثم خرجنا معه ، حتى إذا كان يوم عرفة ، قام أبو بكر فخطب في الناس ، فحدثهم عن مناسكهم ، حتى إذا فرغ ، قام علي فقرأ على الناس سورة البراءة ( التوبة ) حتى ختمها ، ثم كان يوم النحر
فأفضنا ، فلما رجع أبو بكر خطب في الناس فحدثهم عن إفاضتهم ، وعن نحرهم ، وعن مناسكهم ، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس سورة براءة حتى ختمها ، فلما كان يوم النفر الأول ، قام أبو بكر فخطب الناس فحدثهم كيف ينفرون ، وكيف يرمون ، فعلمهم مناسكهم ، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس سورة براءة حتى ختمها ( 2 ) .
ج 2 - ص 377
وجاء في حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لا ينبغي أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي ، فدعا عليا ، فأعطاه إياه ( 1 ) .
وفي تفسير الطبري بسندي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر قال : لما نزلت براءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان بعث أبا بكر الصديق - رحمة الله عليه - ليقيم الحج للناس ، قيل له يا رسول الله ، لو بعثت بها إلى أبي بكر ، فقال :
لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي ، ثم دعا علي بن أبي طالب ، رحمة الله عليه ، فقال : أخرج بهذه القصة من سورة ( براءة ) ، وأذن في الناس يوم النحر ، إذا اجتمعوا بمنى : أنه لا يدخل الجنة كافر ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف
بالبيت عريان ، ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عهد ، فهو إلى مدته ، فخرج علي بن أبي طالب ، رحمة الله عليه ، على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ( العضباء ) ، حتى أدرك أبا بكر الصديق بالطريق ، فلما رآه أبو بكر
قال : أمير أو مأمور ؟ قال : مأمور ، ثم مضيا ، رحمة الله عليهما، فأقام أبو بكر للناس الحج، والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية ، حتى إذا كان يوم النحر ، قام علي بن أبي طالب ، رحمة الله عليه ،
فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أيها الناس ، لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( 2 ) .
ج 2 - ص 378
المنقبة السابعة عشرة : قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه ( أي علي ) إنه كنفسه ، فلقد روي عن أبي ذر ، رضي الله عنه، أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لينتهين بنو وليعة ، أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي ، ينفذ فيهم أمري ، فيقتل
فيهم المقاتلة ، ويسبي الذرية ) . قال أبو ذر : فما راعني إلا كف عمر في حجزتي من خلفي ، قال : من يعني ؟ فقلت : ما إياك يعني ، ولا صاحبك ( يعني أبا بكر ) ، قال : فمن يعني ؟ قلت : خاصف النعل ، قال : وعلي يخصف نعلا ( 1 ) .
وروى الهيثمي في مجمعه بسنده عن جابر عن عبد الله ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الوليد بن عقبة - وساق الحديث إلى أن قال - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لينتهين بنو وليعة ، أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي ، يقتل مقاتلتهم ، ويسبي ذراريهم ، وهو هذا ، ثم ضرب بيده على كتف علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه .
وفي الصواعق المحرقة قال : وأخرج الدارقطني : أن عليا يوم الشورى ، احتج على أهلها ، فقال لهم : أنشدكم بالله ، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في الرحم مني ، ومن جعله صلى الله عليه وسلم ، نفسه ، وأبناءه أبناءه ، ونساءه نساءه ، غيري ، قالوا : اللهم لا .
وفي الدر المنثور للسيوطي في تفسير آية المباهلة ( آل عمران : آية 61 ) قال جابر : فيهم نزلت ( تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) - الآية ، قال جابر : أنفسنا وأنفسكم ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلي عليه السلام ، وأبناءنا الحسن والحسين ، ونساءنا : فاطمة عليها السلام ( 2 ) .
ج 2 - ص 379
المنقبة الثامنة عشرة : إن عليا ، عليه السلام ، كان آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، روى عن السيدة أم سلمة - زوج النبي صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : والذي تحلف به أم سلمة ، إن كان أقرب الناس عهدا برسول الله صلى
الله عليه وسلم ، علي ، قالت : لما كان غداة قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أرسله في حاجة ، أظنه ، فجعل يقول : جاء علي ؟ - ثالث مرات - قالت فجاء قبل طلوع الشمس ، فلما جاء
عرفنا أن له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت ، وكنا عدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يومئذ في بيت عائشة ، فكنت آخر من خرج من البيت ، ثم جلست أدناهن من البيت ، فأكب عليه علي ، فكان آخر الناس به عهدا ، جعل يساره ويناجيه ( 1 ).
المنقبة التاسعة عشرة : شفقة النبي صلى الله عليه وسلم ، عليه عن أم عطية - رضي الله عنها - قالت : بعث النبي صلى الله عليه وسلم ، جيشا ، منهم علي، قالت : فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول : ( اللهم لا تمتني حتى تريني عليا ) ( 2 )
المنقبة العشرون : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أشركه في هديه في حجة الوداع ، فقدم مائة بدنة ، نحر منها بيديه ثلاثا وستين ، وأناب عليا في نحر ما زاد من المائة .
ج 2 - ص 380
وروى الإمام أحمد في المسند بسنده عن ابن عباس قال : أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع مائة بدنة ، نحر منها ثلاثين بدنة بيده ، ثم أمر عليا فنحر ما بقي منها ، وقال : أقسم لحومها وحلاها وجلودها بين الناس ، ولا تعط
الجزار منها شيئا ، وخذ لنا من كل بعير حذية من لحم ، ثم اجعلها في قدر واحدة ، حتى نأكل من لحمها ، ونحسو من مرقها ، ففعل ( 1 ) .
المنقبة الحادية والعشرون : قول النبي صلى الله عليه وسلم ، لعلي : أنت مني وأنا منك ( 2 ) .
وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : علي مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي ( 3 ) .
وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي : وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة عن حبشي بن جنادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علي مني ، وأنا منه ( 4 ) .
وروى أبو داود الطيالسي في مسنده بسنده عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : أنت ولي كل مؤمن بعدي ( 5 ) .
وفي الخصائص للنسائي من حديث بريدة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : لا تبغضن لي عليا ، فإن عليا مني ، وأنا منه ، وهو وليكم بعدي ( 6 ) .
المنقبة الأولى : أنه أول من أسلم من الصبيان ، وأول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن زيد بن أرقم ، رضي الله عنه ، قال : أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، علي ( 3 ) .
المنقبة الثانية : أنه المتخلف على الودائع من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في وقت الهجرة ، وبقي بمكة ثلاث ليال بأيامها ، حتى رد ما كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من ودائع لأصحابها .
ج 2 - ص 369
ثم خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في وقت الخروج إلى غزوة تبوك على العيال والنساء بالمدينة حتى بكى رضي الله عنه ، قول : يا رسول الله إن قريشا تقول : إن رسول الله استثقله فتركه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ( 1 ) .
المنقبة الثالثة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما آخى بين المهاجرين والأنصار ، جعل عليا أخا نفسه الكريمة ، وقال له : أنت أخي وصاحبي في الدنيا ، والآخرة ( 2 ) .
المنقبة الرابعة : أنه الممدوح بالسيادة ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال لفاطمة رضي الله
ج 2 - ص 370
عنها ، ( زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة ( 1 ) ، ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : علي سيد العرب ( 2 ) .
المنقبة الخامسة : أنه ولي الله ، وولي المؤمنين ، قال الله تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله * والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) ( 3 ) . وقد نزلت هذه الآية الكريمة في حق علي ، حين كان يصلي في المسجد ، وهو راكع ، قام سائل يسأل ، فمد علي يده إلى خلفه ، وأومأ إلى السائل بخاتمه ، فأخذه من إصبعه ( 4 ) .
هذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كنت مولاه ، فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ) . وقد جاء هذا الحديث بطرق مختلفة ، وفي بعضها زيادة ( وانصر من نصره ، واخذل من خذله ) ( 5 ) .
ج 2 - ص 371
المنقبة السادسة : أنه أقضى الصحابة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : أقضاكم علي ، وقول عمر - فيما يروي البخاري - أقرؤنا أبي ، وأقضانا علي .
وعن ابن مسعود . رضي الله عنه - قال : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي . وهو أعلم الصحابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب ( 1 ) .
المنقبة السابعة : أنه محبوب المؤمنين ، ومبغوض المنافقين ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق ( 2 ) .
ج 2 - ص 372
المنقبة الثامنة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختصه بمناجاته يوم الطائف ، عن جابر - رضي الله عنه - قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عليا ، يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( ما أنا انتجيته ، ولكن الله انتجاه ) . وقال ومعنى قوله : ولكن الله انتجاه ، أي أن أمرني أن أنتجي معه ( 1 ) .
المنقبة التاسعة : أنه ذو الأذن الواعية ، روي أنه لما نزل قول الله تعالى : ( وتعيها أذن واعية ) ( 2 ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي ، قال علي : فما نسيت شيئا بعد ذلك ، وما كان لي أن أنسى ) ( 3 ) .
وشرح الزمخشري عبارة ( أذن واعية ) في تفسيره المعروف باسم ( الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ) فقال : أذن واعية من شأنها أن تعي وتحفظ ما سمعت به ، ولا تضيعه بترك العمل ، وكل ما حفظته من نفسك فقد وعيته ، ومن غير نفسك فقد وعيته ( 4 ) .
ج 2 - ص 373
المنقبة العاشرة : أنه جمع ثلاثة مفاخر لم تجمع لأحد سواه ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يا علي : أعطيت ثلاثا لم يعطهن أحد غيرك : صهرا مثلي ، وزوجة مثل فاطمة ، وولدين مثل الحسن والحسين .
المنقبة الحادية عشرة : أنه صعد على منكبي النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد روى الإمام علي - رضي الله عنه ، وكرم الله وجهه في الجنة - في قصة قمع الأصنام ، قال : انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى الكعبة ، فقال لي : إجلس ،
فجلست فصعد على منكبي ، فقال لي : إنهض ، فنهضت فعرف ضعفي تحته ، فقال لي : إجلس ، فجلست ، ثم نهض بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخيل إلي - أنني لو شئت نلت فوق السماء ، فصعدت إلى الكعبة ، وتنحى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وقال : إلق صنمهم الأكبر - صنم قريش - وكان من نحاس موتد بوتاد من حديد في الأرض ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عالجه ، فجعلت أعالجه ، حتى استمكنت منه ، فقال : إقذفه ، فقذفته حتى انكسر ، ونزلت من فوق الكعبة ، وانطلقت ، أنا والنبي صلى الله عليه وسلم ، نسعى ، وخشينا أن يرانا أحد من قريش وغيرهم ( 1 ) .
المنقبة الثانية عشرة : أنه حاز سهم جبريل - عليه السلام - من غنائم تبوك ، روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما غزا تبوك استخلف عليا على المدينة ، فلما نصر رسوله ، وغنم المسلمون أموال المشركين ورقابهم ، جلس رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، وجعل يقسم السهام على المسلمين سهما سهما ، ودفع إلى علي بن أبي طالب سهمين ، فقام أحد الصحابة يسأل : يا رسول الله ، أوحي نزل من السماء ، أم أمر من نفسك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنشدكم الله ، هل رأيتم في رأس ميمنتكم صاحب الفرس
ج 2 - ص 374
الأغر المحجل ، والعمامة الخضراء ، لها ذؤابتان مرخاتان على كتفيه ، بيده حربة ، قد حمل على الميمنة ، فأزالها ، وحمل على الميسرة فأزالها ، وحمل على القلب فأزاله ؟ قالوا : نعم ، لقد رأينا ذلك ، قال : هو جبريل ، وقد أمرني أن أدفع بسهمه لعلي ( 1 ) .
المنقبة الثالثة عشرة : أن النظر إلى وجهه عبادة . لما روي عن السيدة عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت : رأيت أبي يديم النظر إلى وجه علي ، رضي الله عنهما ، فسألته عن ذلك فقال : ما يمنعني من ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
النظر إلى وجه علي عبادة . وأخرج الطبراني والحاكم عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : النظر إلى وجه علي عبادة - قال : إسناده حسن ( 2 ) .
المنقبة الرابعة عشرة : أنه أحب خلق الله إلى الله - بعد مولانا وسيدنا وجدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم - لما روي عن أنس بن مالك الأنصاري ، رضي الله عنه ، أنه قال : أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرخان مشويان ، فقال:
( اللهم سق أحب خلقك إليك ، ليأكل معي ) - قال أنس : وكنت على الباب ، فجاء رجل فرددته ، رجاء أن يجئ رجل من الأنصار ، ثم جاء علي رضي الله عنه ، فأذنت له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتأكل يا علي ، فأنت أحب خلق الله إليه ، فقد دعوت الله تعالى ، أن يسوق أحب خلقه إليه .
ج 2 - ص 375
وفي رواية الترمذي عن أنس بن مالك قال : كان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، طير ، فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه . وفي أسد الغابة عن أنس بن مالك قال : كان عند النبي صلى الله عليه وسلم ،
طير ، فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك ، وإلى رسولك - ورفع صوته - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا ؟ فقال : علي ، فقال : فافتح له ، ففتحت ، فأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من الطيرين ، حتى فنيا ( 1 ) .
المنقبة الخامسة عشرة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سماه : يعسوب المؤمنين ( 2 ) - فقد روي عن أبي ذر وسلمان أنهما قالا : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ، بيد علي ، فقال : إن هذا أول من آمن بي ، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين .
وروى ابن حجر في الإصابة بسنده عن أبي ليلى الغفاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ستكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك ، فالزموا علي بن أبي طالب ، فإنه أول من يراني ، وأول من يصافحني ، وهو الصديق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين .
ج 2 - ص 376
وقال صلى الله عليه وسلم لعلي : أنت أمير المؤمنين ، ويعسوب الدين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، وفاروق الأمة ، ومنار الهدى ، وإمام الأولياء ( 1 ) .
المنقبة السادسة عشرة : اختصه النبي صلى الله عليه وسلم ، بالتبليغ عنه - روى جابر الأنصاري ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، بعث أبا بكر - رضي الله عنه ، فأقبلنا معه ، حتى إذا كنا ( بالعرج ) ثوب بالصبح ، ثم استوى ليكبر،
فسمع الرغوة ، خلف ظهره ، فتوقف عن التكبير ، فقال : هذه رغوة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج ، فلعله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنصلي معه ، فإذا علي عليها ، فقال
أبو بكر : أمير أم رسول ؟ فقال علي : لا ، بل رسول، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ببراءة ، اقرؤها على الناس في مواقف الحج ، فقدمنا مكة ، فلما كان قبل التروية بيوم ، قام أبو بكر فخطب في الناس ، فحدثهم عن مناسكهم ، حتى إذا
فرغ ، قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها ، ثم خرجنا معه ، حتى إذا كان يوم عرفة ، قام أبو بكر فخطب في الناس ، فحدثهم عن مناسكهم ، حتى إذا فرغ ، قام علي فقرأ على الناس سورة البراءة ( التوبة ) حتى ختمها ، ثم كان يوم النحر
فأفضنا ، فلما رجع أبو بكر خطب في الناس فحدثهم عن إفاضتهم ، وعن نحرهم ، وعن مناسكهم ، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس سورة براءة حتى ختمها ، فلما كان يوم النفر الأول ، قام أبو بكر فخطب الناس فحدثهم كيف ينفرون ، وكيف يرمون ، فعلمهم مناسكهم ، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس سورة براءة حتى ختمها ( 2 ) .
ج 2 - ص 377
وجاء في حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لا ينبغي أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي ، فدعا عليا ، فأعطاه إياه ( 1 ) .
وفي تفسير الطبري بسندي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر قال : لما نزلت براءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان بعث أبا بكر الصديق - رحمة الله عليه - ليقيم الحج للناس ، قيل له يا رسول الله ، لو بعثت بها إلى أبي بكر ، فقال :
لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي ، ثم دعا علي بن أبي طالب ، رحمة الله عليه ، فقال : أخرج بهذه القصة من سورة ( براءة ) ، وأذن في الناس يوم النحر ، إذا اجتمعوا بمنى : أنه لا يدخل الجنة كافر ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف
بالبيت عريان ، ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عهد ، فهو إلى مدته ، فخرج علي بن أبي طالب ، رحمة الله عليه ، على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ( العضباء ) ، حتى أدرك أبا بكر الصديق بالطريق ، فلما رآه أبو بكر
قال : أمير أو مأمور ؟ قال : مأمور ، ثم مضيا ، رحمة الله عليهما، فأقام أبو بكر للناس الحج، والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية ، حتى إذا كان يوم النحر ، قام علي بن أبي طالب ، رحمة الله عليه ،
فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أيها الناس ، لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( 2 ) .
ج 2 - ص 378
المنقبة السابعة عشرة : قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه ( أي علي ) إنه كنفسه ، فلقد روي عن أبي ذر ، رضي الله عنه، أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لينتهين بنو وليعة ، أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي ، ينفذ فيهم أمري ، فيقتل
فيهم المقاتلة ، ويسبي الذرية ) . قال أبو ذر : فما راعني إلا كف عمر في حجزتي من خلفي ، قال : من يعني ؟ فقلت : ما إياك يعني ، ولا صاحبك ( يعني أبا بكر ) ، قال : فمن يعني ؟ قلت : خاصف النعل ، قال : وعلي يخصف نعلا ( 1 ) .
وروى الهيثمي في مجمعه بسنده عن جابر عن عبد الله ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الوليد بن عقبة - وساق الحديث إلى أن قال - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لينتهين بنو وليعة ، أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي ، يقتل مقاتلتهم ، ويسبي ذراريهم ، وهو هذا ، ثم ضرب بيده على كتف علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه .
وفي الصواعق المحرقة قال : وأخرج الدارقطني : أن عليا يوم الشورى ، احتج على أهلها ، فقال لهم : أنشدكم بالله ، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في الرحم مني ، ومن جعله صلى الله عليه وسلم ، نفسه ، وأبناءه أبناءه ، ونساءه نساءه ، غيري ، قالوا : اللهم لا .
وفي الدر المنثور للسيوطي في تفسير آية المباهلة ( آل عمران : آية 61 ) قال جابر : فيهم نزلت ( تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) - الآية ، قال جابر : أنفسنا وأنفسكم ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلي عليه السلام ، وأبناءنا الحسن والحسين ، ونساءنا : فاطمة عليها السلام ( 2 ) .
ج 2 - ص 379
المنقبة الثامنة عشرة : إن عليا ، عليه السلام ، كان آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، روى عن السيدة أم سلمة - زوج النبي صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : والذي تحلف به أم سلمة ، إن كان أقرب الناس عهدا برسول الله صلى
الله عليه وسلم ، علي ، قالت : لما كان غداة قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أرسله في حاجة ، أظنه ، فجعل يقول : جاء علي ؟ - ثالث مرات - قالت فجاء قبل طلوع الشمس ، فلما جاء
عرفنا أن له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت ، وكنا عدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يومئذ في بيت عائشة ، فكنت آخر من خرج من البيت ، ثم جلست أدناهن من البيت ، فأكب عليه علي ، فكان آخر الناس به عهدا ، جعل يساره ويناجيه ( 1 ).
المنقبة التاسعة عشرة : شفقة النبي صلى الله عليه وسلم ، عليه عن أم عطية - رضي الله عنها - قالت : بعث النبي صلى الله عليه وسلم ، جيشا ، منهم علي، قالت : فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول : ( اللهم لا تمتني حتى تريني عليا ) ( 2 )
المنقبة العشرون : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أشركه في هديه في حجة الوداع ، فقدم مائة بدنة ، نحر منها بيديه ثلاثا وستين ، وأناب عليا في نحر ما زاد من المائة .
ج 2 - ص 380
وروى الإمام أحمد في المسند بسنده عن ابن عباس قال : أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع مائة بدنة ، نحر منها ثلاثين بدنة بيده ، ثم أمر عليا فنحر ما بقي منها ، وقال : أقسم لحومها وحلاها وجلودها بين الناس ، ولا تعط
الجزار منها شيئا ، وخذ لنا من كل بعير حذية من لحم ، ثم اجعلها في قدر واحدة ، حتى نأكل من لحمها ، ونحسو من مرقها ، ففعل ( 1 ) .
المنقبة الحادية والعشرون : قول النبي صلى الله عليه وسلم ، لعلي : أنت مني وأنا منك ( 2 ) .
وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : علي مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي ( 3 ) .
وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي : وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة عن حبشي بن جنادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علي مني ، وأنا منه ( 4 ) .
وروى أبو داود الطيالسي في مسنده بسنده عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : أنت ولي كل مؤمن بعدي ( 5 ) .
وفي الخصائص للنسائي من حديث بريدة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : لا تبغضن لي عليا ، فإن عليا مني ، وأنا منه ، وهو وليكم بعدي ( 6 ) .